محطة الضبعة النووية "فيها منافع لمصر".. 300 مليار دولار إيرادات.. توليد 10% من إجمالي قدرات الطاقة.. خفض تعريفة الكهرباء.. زيادة الناتج المحلي الإجمالي بعد التوقيع على عقود إقامة محطة الضبعة النووية في ديسمبر الماضي، دخلت مصر أخيرا مرحلة جديدة لتحقيق حلمها النووي الذي طال انتظاره، ليطلق على مشروع الضبعة عن استحقاق مشروع القرن لما يعنيه لمصر وشعبها من الناحية العملية. وأيا كانت الطريقة التي تنظر بها لهذا المشروع، وبغض النظر عن الأهمية التاريخية والرمزية للمشروع، إلا أنّ للمشروع فوائد كبيرة لا يمكن إغفالها. فما هي الفوائد الملموسة التي ستعود على مصر من مشروع إنتاج الطاقة النووية؟ الميزة الأولى والأكثر وضوحًا هي الكهرباء التي سيتم توليدها من محطة الضبعة للطاقة النووية، والتي ستعمل بصورة ملحوظة على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية في مصر. إنّ الطلب على الكهرباء في مصر يشهد نموًا سنويًا بمعدل يفوق 10% منذ عام 2010. ويقول الدكتور يسري أبو شادي- كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق: "من المفترض أن يسهم توليد الطاقة من هذه الوحدات الأربع من طراز VVER-1200 (بمحطة الضبعة النووية) عند اكتمالها في توليد أكثر من 10% من إجمالي قدرات توليد الطاقة في مصر. وهو ما سيتيح لمصر زيادة صادراتها من الطاقة، والتي تبلغ حاليا 12.10 كيلو وات للفرد الواحد، أي أقل ب 50 مرة من المتوسط الأوروبي. كما سلط الدكتور أبو شادي الضوء على التأثير الضار لاعتماد مصر الحالي على الوقود الهيدروكربوني (الذي يشكل 90% من إجمالي قدرات توليد الطاقة في مصر حاليًا)، خاصة بما له من آثار ضارة على اقتصاد البلاد وبيئتها. ويضيف: "إنّ حرق الوقود الأحفوري الذي يتم حاليًا (الغاز الطبيعي والبنزين والفحم) يسبب تلوثا بيئيا ملحوظًا وفقدانا كبيرا لمصادر مصر من البتروكيماويات، وهو ما ينعكس بالسلب على ايرادات الدولة". وبالنسبة للمستهلكين المصريين، فإن الطاقة التي يتم إنتاجها من محطة الضبعة النووية ستؤدي على الأرجح لانخفاض تعريفة تسعير الكهرباء. ويؤكد أبو شادي: "الطاقة النووية، جنبا إلى جنب مع مصادر الطاقة المتجددة، تنتج طاقة نظيفة دون تلوث أو انبعاثات كربونية، بينما يعد استقرار الطاقة النووية من أهم مزاياها الرئيسية، خاصة مع الإنتاج المستمر ليلًا ونهارًا على مدار الساعة وطوال العام مع استراحة قصيرة للتزود بالوقود". ولفت أبو شادي إلى أن ايرادات محطة الضبعة النووية تُقدر بحوالي 300 مليار دولار على مدار عمره الإنتاجي. إلا أنه لا يجب أن تقتصر مزايا المحطة النووية على مجرد تحقيق مكاسب مالية، حيث سيكون لهذه المحطة نتائج هائلة على النمو الاقتصادي في مصر خلال المستقبل المنظور. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور عبد العاطي سلمان-رئيس هيئة المواد النووية الأسبق:" إذا نظرنا إلى متوسط الأسعار العالمية للبدائل المختلفة لتوليد الطاقة، تعتبر الطاقة النووية أرخص مصدر للطاقة مقارنة بغيرها من التقنيات. فإن سعر الكيلو وات/ ساعة للطاقة النووية يبلغ في المتوسط 3.2 سنتا، في حين أن أسعار الكهرباء التي تم انتاجها عن طريق البترول والغاز، تصل إلى 11.2-13.0 سنت / كيلو وات/ ساعة." ليس ذلك فحسب، ولكن، كما يضيف الدكتور سلمان " إضافة الطاقة النووية لمزيج الطاقة في مصر يعد نوعا من التنويع لمصادر الطاقة، بالإضافة للمزايا الأخرى للطاقة النووية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الاستدامة والمزايا الاقتصادية وأقل مستوى من النفايات". وفي الوقت نفسه، يؤكد الدكتور سلمان أنّ تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة مرتفعة جدا مقارنة بالطاقة النووية، في حين أن القدرات الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة لا تزال محدودة". ومن ناحيته قال الدكتور علي عبدالنبي النائب السابق لرئيس هيئة المحطات النووية المصرية: "إذا كانت مصر ستحقق هدفها الوطني المتمثل في توليد 20% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن الطاقة النووية هي الخيار الصديق للبيئة والأكثر واقعية وامانًا ". ومع ذلك، فإن توليد الطاقة هو فقط قمة الجليد الثلجي إذا كنا نتحدث عن باقي مزايا الطاقة النووية على الاقتصاد المصري. ونظرا لحجم وتعقيد مشروع الضبعة كأول محطة للطاقة النووية في مصر، لذا سيكون له تأثير كبير على تطوير الصناعات الأخرى اللازمة لإنشاء ودعم البنية التحتية النووية. وفي هذا الإطار يؤكد عبد النبي "إن بناء محطة الضبعة للطاقة النووية سيساهم في تطوير الصناعة المصرية من خلال برنامج طويل الأجل، حيث تزداد حصة التصنيع المحلية وفقا لخطة واضحة. ففي البداية ستكون نسبة مشاركة الشركات المصرية في بناء محطة الضبعة حوالي20%، وهي بالفعل نسبة جيدة، وسوف تزداد تلك النسبة مع اقامة كل وحدة لاحقة في محطة الضبعة النووية، حيث تكتسب الشركات المحلية المزيد من الخبرة وتقوم بتهيئة مرافقها الإنتاجية لتناسب احتياجات ومتطلبات المحطة. والأهم من ذلك أن مشروع محطة الضبعة النووية سيكون له تأثير كبير على زيادة الناتج المحلي الإجمالي في مصر، ليس فقط من خلال زيادة إيرادات المقاولين المحليين، بل أيضا من خلال تحفيز النمو في الصناعات ذات الصلة مثل مواد البناء والمعدات والآلات والمرافق والخدمات الأخرى. وعلاوة على ذلك، سيسهم المشروع في زيادة القوة الشرائية للسكان، وبالتالي زيادة عقود التوريد في قطاع الخدمات والسلع الاستهلاكية. إن الحاجة لآلاف الكوادر المؤهلة لتشغيل المحطة وخدمة الصناعة النووية الناشئة في مصر يعني زيادة الاستثمار في تعليم وتدريب المتخصصين في العلوم النووية والمجالات ذات الصلة مما سيؤدي بدوره لتحسن شامل في المعايير التعليمية وفرص العمل المتاحة للمصريين في مجالات متعددة بما في ذلك البحوث والتطوير، والهندسة، والبناء، وتكنولوجيا المعلومات وغيرها الكثير