كشف ألكسندر فرونكوف، مدير عام مؤسسة «روساتوم» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، عن موعد الحصول على رخصة بناء محطة الضبعة النووية بمصر ، وبدء مرحلة الإنشاءات و ذلك خلال النصف الثانى ل 2022 . و أضاف فرونكوف خلال حواره ل ” العالم اليوم ” ، ان لا أحد يستطيع إنكار أن جائحة كورونا قد أثرت على المشروع حيث أنها قوة قاهرة لا يمكن تجنبها، و لكن عمل الجانبان المصرى و الروسى على تقليل آثارها السلبية بقدر الاستطاعة.

ris1.jpg
و أكد مدير عام مؤسسة «روساتوم» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، ان إنشاء محطة الضبعة النووية يعزز مكانة مصر على المستوى الإقليمي كدولة رائدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة ، هذا بالإضافة إلى ان المشروع يوفر مزايا تنافسية لجذب الاستثمارات وتعزيز قدرات المنتجين المحليين وإنشاء البنية التحتية ، مشيرا إلى ثقته بأن المصريين سيتأكدون بأنفسهم من فوائد محطة الضبعة عند شروعها في العمل .

و حول نظم الأمان بالمحطة و تأثيرها على البيئة ، اوضح فرونكوف ، ان نظم الأمان بمحطة الضبعة تضمن سلاسة التشغيل بالإضافة إلى تجنّب مخاطر الخطأ البشري أثناء التشغيل ، كما أكد ان المحطة النووية تعد مصدرا للطاقة النظيفة ولا تنتج انبعاثات ضارة في المنطقة ، هذا بخلاف ان تشغيل محطة الضبعة النووية يساهم فى توليد أكثر من 33 جيجاوات\ ساعة من الكهرباء منخفضة الكربون سنويا .

و لمعرفة المزيد عن مزايا إنشاء محطة نووية بمصر و أهمية ذلك ، بالإضافة إلى نظم التعليم النووى بمصر و برامج التدريب ، و التعاون المصرى الروسى .. نتابع معكم حوارنا مع ألكسندر فرونكوف، مدير عام مؤسسة «روساتوم» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا :

* فى البداية .. متى تتوقعون إتمام المرحلة التحضيرية لمشروع محطة الضبعة النووية وهل أثرت جائحة كورونا على جدول الأعمال؟
تسير جميع الأعمال التحضيرية حاليا وفقا للجدول الزمني ، و مؤخرا زار وفد من “روساتوم” برفقة قيادات هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر، موقع إنشاء محطة الضبعة لتفقد سير الأعمال فيها ومتابعتها ، وفي السابع من مارس قام سفير روسيا في مصر (غريغوري بوريسينكو) بزيارة موقع إنشاء المحطة.

وفي ظل استمرار جائحة Covid-19 اتخذت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وشركة “أتوم ستروي إكسبورت” المقاول الرئيسي للمشروع عددا من الإجراءات الاحترازية الضرورية لمنع انتشار العدوى.

أما بالنسبة للتأثير على الأعمال فتم تفعيل الاجتماعات عبر نظام مؤتمرات الفيديو، وعلاوة على ذلك، تجري وبصورة نشطة زيادة عدد الموظفين العاملين في مكتب شركتنا بمصر ، إن منطقة الضبعة آمنة تماما والخبراء الروس يمارسون أعمالهم، وهناك زيارات مستمرة للموقع ، لا أحد يستطيع إنكار أن جائحة كورونا قد أثرت على المشروع حيث أنها قوة قاهرة لا يمكن تجنبها، لكننا استطعنا تقليل آثارها السلبية بقدر الاستطاعة.

ومنذ إصدار هيئة الرقابة النووية والاشعاعية المصرية (ENRRA) إذن قبول اختيار موقع إنشاء المحطة في مارس 2019، يواصل الطرفان العمل معا من أجل إعداد وثائق الترخيص المطلوبة للحصول على رخصة البناء ، ومن المتوقع أن يحصل الجانب المصري على الرخصة في النصف الثاني من عام 2022 للانتهاء من المرحلة التحضرية وبدء مرحلة الإنشاءات. ونواصل بالتعاون مع الجانب المصري تطبيق كافة التدابير الوقائية لحماية الكوادر العاملة ضمن المشروع من الإصابة بفيروس كورونا.

* متى سيتم تركيب قلب المفاعل النووي الخاص بوحدة الطاقة الأولى بالضبعة؟

– فور الدخول في مرحلة الإنشاءات سوف تتسارع وتيرة الأعمال الخاصة بالإنشاءات والتركيبات بالموقع ، و بمجرد إصدار الرخصة، سيكون من الممكن وضع أطر زمنية أكثر تحديدا لأنواع معينة من الأعمال بما فيها تلك التي تتعلق بتركيب هيكل المفاعل والمعدات الخاصة به.

* كيف ترون مستقبل الطاقة النووية في مصر؟

– لقد بدأت مصر في الاستفادة من التقنيات النووية في منتصف القرن الماضي مع إنشاء أول مفاعل أبحاث نووي مصري في أنشاص الذي بني عام 1961 بمساعدة خبراء من الاتحاد السوفيتي ، وأصبح بدء تنفيذ مشروع بناء محطة للطاقة النووية معلما بارزا على طريق التطور في مصر ، وسيعطي دخول البلاد إلى “النادي النووي” زخما هائلا للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية في قطاع الطاقة وقطاعات أخرى مثل الصناعة والطب والزراعة وغيرها.
و تعد الطاقة النووية استجابة لتحديات النمو الصناعي والنمو السكاني في البلاد لأنها تلبي الطلب المتنامي على الكهرباء ، من ناحية أخرى، فإن التكنولوجيا النووية بحد ذاتها ومع تطورها تمثل محركا للتنمية حيث تكون محطات الطاقة النووية مصدرا مستقرا للنمو حتى في مرحلة البناء ، وتحفز المفاعلات النووية لكونها مشاريع هامة في مجال البنية التحتية التنمية في مختلف الصناعات ، كما يوفر بناء محطة للطاقة النووية مزايا تنافسية مهمة عن طريق جذب الاستثمارات وتعزيز قدرات المنتجين المحليين وإنشاء البنية التحتية الخاصة بها.

ستولد محطة الضبعة عند تشغيلها أكثر من 33 جيجاوات\ ساعة من الكهرباء منخفضة الكربون سنويا، وبفضل المحطة وتراكب فائض من الكهرباء، لن يقتصر استخدام هذه الطاقة الفائضة على السوق المحلية فحسب، بل سيكون من الممكن تصديرها إلى الخارج ، وأيضا مع اكتساب مصر الخبرات في القطاع النووي سنشهد تعزيز مكانتها على المستوى الإقليمي كدولة رائدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

* هل سيؤثر تشييد محطة الضبعة النووية إيجابا على الدول الأخرى في الشرق الأوسط؟

– بلا شك ، أولا الطاقة النووية هي أحد المصادر الرئيسية للطاقة النظيفة منخفضة الكربون التي تسهم إسهاما كبيرا في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وبالتالي ستساعد مصر على المساهمة في الكفاح العالمي ضد تغير المناخ ، بالإضافة إلى ذلك، فإن محطة لتوليد الطاقة النووية -ولكونها أكبر المشروعات في مجال البنية التحتية- ، تحفز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد والمنطقة على حد سواء، وتدعم مهمة تحسين جودة حياة الناس.
وتعلمون أن الصناعة النووية هي أحد القطاعات الذي تطبق فيها معايير الجودة والأمان الأكثر صرامة ، لذلك فإن مشاركة الشركات المصرية في تنفيذ مشروع الضبعة ستنعكس حتما على تحسين جودة منتجاتها وسترفع قدرتها التنافسية في السوق الدولية.

وقد يعطي مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية مثالا يحتذى به لبقية دول المنطقة فيما يتعلق بكيفية تنويع سلة الطاقة عن طريق دمج الطاقة النووية النظيفة ضمن مصادر الطاقة الخاصة بها من جهة، ومن جهة أخرى قد يكون نموذجا لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق مزايا في مجال التصدير من خلال بيع الكهرباء للسوق الخارجية، واستخدام أحدث التقنيات النووية وتدريب كوادر مصرية بكفاءة عالية .

* تثير مشاريع الطاقة النووية مخاوف لدى الكثير من الناس، ما رأيك بذلك؟

– يميل الناس إلى عدم الثقة بما لا يعرفونه ، و عادة ترتبط جميع المخاوف والشعور بالقلق إزاء الطاقة النووية بنقص المعرفة لدى السكان وهو ما يغذي التصورات الخاطئة والأحكام المسبقة ، في كثير من الأحيان، ليس الناس على دراية بخصائص المفاعل النووي الحديث لتوليد الكهرباء وعمله ولا يعرفون لماذا أدائه آمن تماما للناس والبيئة.

واسمحوا لي أن أقدم لكم مثالا واحدا ، في أغسطس 2019 ، نظمت “روساتوم” في روسيا مسابقة دولية لصيد الأسماك ،ودعونا ممثلين عن الدول التي ننفذ مشاريع فيها وبينها هنغاريا ومصر والهند وبنغلاديش وتركيا، للمشاركة فيها ، أقيمت المسابقة في خليج فنلندا بالقرب من محطة الطاقة “لينينغراد” ، وكان أحد أهداف الفعالية هو إطلاع الجمهور على سلامة محطات الطاقة النووية للنباتات والحيوانات في النظم البيئية المحيطة ، واستمتع المشاركون بصيد الأسماك ومن ثم تم فحص محصول الصيد بواسطة أجهزة كشف الإشعاع من أجل الإثبات أن المحطة النووية لا تؤثر على البيئة ، كما زرنا المحطة لمعرفة أكثر حول مبادئ تشغيلها وإجراءات السلامة والأمان المطبقة فيها، وكذلك لتوجيه أسئلة مباشرة للعاملين بالمحطة ، هكذا كان بإمكان المشاركين رؤية بأم عينهم كيف تعمل محطة للطاقة النووية وكيف يعيش الناس في مدينة بجوارها، وتأكدوا من سلامة المحطة للصناعات المحلية والناس والبيئة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا ننسى أن محطة نووية هي مصدر للطاقة النظيفة ولا تنتج الانبعاثات الضارة في المنطقة ، و من اللافت أننا نشهد توجها مثيرا للاهتمام في روسيا ،” كلما يعيش الناس أقرب من محطات الطاقة النووية، تزيد ثقتهم بالطاقة النووية” ، والسبب يرجع إلى أنهم يملكون تجربة مباشرة ويعرفون الواقع لأن الكثير منهم إما يعملون في محطة نووية أو يعرفون أشخاصا يعملون هناك ويخبرون الآخرين بفوائدها الاقتصادية والاجتماعية.
و تلعب محطات الطاقة النووية في روسيا دورا أساسيا في توفير وظائف ذات رواتب أعلى من متوسط الأجور في البلاد وهي تشارك بنشاط في مساعدة المجتمعات المضيفة من خلال دعم برامج في مجالات التعليم والثقافة والرياضة ، ينعكس كل هذا على بعض مؤشرات القبول العام، وعلى سبيل المثال، في مدينة نوفوفورونيج حيث تتواجد وحدة طاقة متقدمة من الجيل 3+، تتجاوز نسبة الدعم العام للطاقة النووية 90%.

و تتمتع أحدث التقنيات النووية بنظم حماية شاملة وهي مصممة استنادا إلى خبرة اكتسبها قطاع الصناعة النووية في روسيا خلال أكثر من 75 عاما.
في الوقت الحالي تعد المفاعلات النووية الروسية VVER-1200 من الجيل 3+، والتي تم اختيارها لمحطة الضبعة، مفاعلات القوى النووية الأحدث والأكثر وأمانا ، وتفوق هذه التقنية غيرها من مثيلاتها من حيث بعض خصائصها وهي مجهزة بمجموعة متوازنة فريدة من نوعها من نظم الأمان النشطة وغير النشطة التي تلبي جميع المعايير الدولية ، تساعد هذه النظم على ضمان التشغيل السلس لمحطات الطاقة النووية وتجنّب مخاطر الخطأ البشري أثناء التشغيل ، وتعمل في روسيا بنجاح أربع وحدات طاقة مزودة بهذا النوع من المفاعلات النووية: اثنتان في محطة “نوفوفورونيج” واثنتان في محطة “لينينغراد” ، وخارج أراضي روسيا، تعمل وحدة طاقة أخرى ذات مفاعل VVER-1200 في محطة الطاقة النووية البيلاروسية وذلك بعد ربطها بشكة الطاقة العامة في البلاد في نوفمبر 2020.

يوجد اليوم في العالم أكثر من 440 مفاعلا نوويا قيد التشغيل في أكثر من 30 دولة ، حيث يحفز بناء محطة حديثة للطاقة النووية النشاط التجاري في المنطقة ويسهم في التدفق السكاني إليها وزيادة الطلب الفعال ويوسع السوق للمنتجين المحليين، بما في ذلك سوق المنتجات الزراعية. نثق بأن المصريين سيتأكدون بأنفسهم من فوائد محطة الضبعة عند شروعها في العمل.

* هل هناك مشاريع أخرى تخطط “روساتوم” لتنفيذها في مصر؟

– في الوقت الحالي نعمل على تنفيذ مشروعنا الرائد في مصر وهو مشروع بناء محطة الضبعة للطاقة النووية، ومع ذلك فإن آفاق تعاوننا مع الجانب المصري أبعد من ذلك.

على مدار تاريخ قطاع الصناعة النووية الروسي الذي احتفل بمرور 75 عاما على تأسيسه، اكتسبت مؤسسات القطاع خبرات واسعة وكفاءات مهنية فريدة من نوعها تشمل جميع حلقات سلسلة الإنتاج الخاصة بصناعة الطاقة النووية، وكذلك على صعيد تطبيق التقنيات النووية في مختلف المجالات، من بينها الطب والزراعة وتحلية المياه وغيرها.

كما تعمل شركة “روساتوم” من أجل تطوير أنشطتها في مجالات أخرى عديدة غير متعلقة بالتقنيات النووية، بما فيها الطباعة ثلاثية الأبعاد وتخزين الطاقة وحلول البنية التحتية وطاقة الرياح ، إننا على استعداد لتوسيع التعاون مع مصر ضمن كافة مسارات “روساتوم” للأعمال.

* هل تقوم شركة “روساتوم” بالإشراف على البرامج التعليمية لمدرسة الضبعة للتكنولوجيا النووية وهل تشاركها التجربة الروسية في مجال التعليم النووي؟

– تقوم وزارة التربية والتعليم المصرية بدعم من هيئة المحطات النووية بإعداد واعتماد البرنامج التعليمية الخاصة بمدرسة الضبعة النووية.
مع ذلك، نود أن نشير إلى أن تجربة شركائنا المصريين تمكنهم من إنجاز مهمة التعليم استنادا إلى البرامج المطبقة في مدرسة الضبعة بشكل مستقل وناجح، علما أن أولى البرامج التعليمة في مجال التخصصات النووية قد ظهرت بمصر في منتصف القرن الماضي ، ونجح قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية في إعداد مختصين ذوي المستويات التعليمية الرفيعة لما يزيد عن 60 عاما ، وخلال الحقبة السوفيتية تلقى العديد من المصريين التعليم والتدريب في مجال العلوم النووية في الاتحاد السوفيتي ثم عادوا إلى وطنهم من أجل تطوير البرناج النووي المصري.

* ما هو الهدف من إقامة مهرجان العلوم في القاهرة والإسكندرية وهل تنوي الشركة تنظيم فعاليات ثقافية أخرى في إطار “عام التبادل الإنساني” بين روسيا ومصر؟

– يكمن الهدف الرئيسي لمهرجان العلوم الذي نظمته شركة “روساتوم” بالتعاون مع المركز الروسي للعلوم والثقافة في القاهرة والإسكندرية في تعزيز المستوى المعرفي لجيل الشباب في العلوم النووية والتقنيات النووية الحديثة ومزاياها وفوائدها لمعالجة المشكلات الملحة للمجتمع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة للبلاد.
وفي إطار سلسة نشاطات أقيمت في المهرجان أطلعنا طلاب المدارس والجامعات على كيفية تطبيق إنجازات العلوم النووية في مختلف مجالات النشاط البشري بدءا من الصناعة ووصولا إلى الزراعة والطب عرضنا عليهم أمثلة بهذا الخصوص. وتحدثنا عن الفرص المتاحة للشباب الراغبين في اختيار العلوم النووية كتخصصهم مستقبلا، تناولنا أيضا سبل الحصول على التعليم في المجال النووي في روسيا ، نأمل أن يكون المهرجان نجح في جذب اهتمام الطلاب بالعلم وساعدهم على الإدراك على نحو أفضل كيفية الاستفادة من الطاقة النووية السلمية لمواجهة التحديات الماثلة أمام المجتمع، وكذلك دفعهم للتفكير بجدية في إمكانية اختيار الهندسة النووية كمهنة مستقبلية.

و تولي “روساتوم” اهتماما كبيرا لمسألة قبول الطاقة النووية من جانب المجتمع باعتباره أمرا سيسهم في إنجاح المشاريع النووية التي تنفذها الشركة في الخارج ، ولهذا السبب إننا مهتمون بتنظيم فعاليات تساعدنا على توعية الجمهور وأصحاب المصلحة الرئيسيين حول الطاقة النووية لتصيحيح المفاهيم والتصورات الخاطئة والتوعية بفوائد الطاقة النووية ، و نأمل أن نستطيع تنفيذ خططنا لإجراء فعاليات مماثلة أخرى هذا العام رغم استمرار الإجراءات التقييدية المفروضة لمكافحة فيروس كورونا.
Source: Al Alam Alyoum