روسيا ـ عمر سالم

قامت "المال" بجولة داخل المفاعل النووى الروسى بمدينة نوفو فارونج، المماثل للمشروع النووى المصرى، المنتظر تنفيذه بالتعاون مع روساتوم الروسية، تضمنت زيارة مركز التحكم بالمفاعل النووى من الجيل الثالث +3، بالإضافة إلى التوربينة وجسم المفاعل، ومركز التدريب الملحق به.

وأظهرت الجولة استحالة حدوث أى انفجار أو تسرُّب من المفاعل النووى فى روسيا، والمماثل للمفاعل المصرى المرتقب إنشاؤه، باعتباره الأحدث على مستوى العالم والأكثر أمانًا نظرًا لوجود أنظمة سلامة تعمل تلقائيًّا دون تدخُّل العنصر البشرى، وبالفعل لم يسجل المشروع الروسى أى أخطار نووية، سواء على التربة أو الماء أو البيئة المحيطة.

قال إيجر جوزيف، نائب كبير المهندسين بشركة AES، إن الطاقة النووية تعد من أفضل الطاقات على مستوى العالم فى الوقت الحالى باعتبارها الأرخص والأكثر أمانًا بعد تطوير التكنولوجيا النووية.

وأضاف، خلال جولة بمركز للتدريب على الطاقة النووية ومحاكاة للمفاعل النووى الأحدث فى العالم بمنطقة نوفو فارونج، أن شركته مسئولة عن تشغيل 10 محطات نووية فى روسيا تنقسم إلى 38 وحدة نووية بقدرات تصل إلى 27 جيجاوات، بقدرات تمثل نحو %18 من الطاقة المنتَجة فى روسيا.

وأوضح جوزيف أن محطة الطاقة النووية فى نوفو فارونج هى محطة فريدة من نوعها؛ لأنها تجمع بين كل مراحل الطاقة النووية بنفس المرحلة، منوهًا بأن المحطة تتكون من نحو 6 وحدات طاقة نووية حيث تم تشغيل الوحدة الأولى عام 1964، والوحدة الثانية عام 1969، وتم إيقافهما عن التشغيل.

وأشار إلى أن الوحدة الثالثة تم تشغيلها عام 1971، كما أنها توقفت عن التشغيل عام 2016 وبدأت عملية إخراجها عن الخدمة، كما تم تشغيل الوحدة الرابعة عام 1972 وتم تحديثها لتعمل حتى عام 2030، كما أن الوحدة الخامسة تم تشغيلها عام 1981 بقدرة 1000 ميجاوات، ومن المقرر إخراجها عام 2040، والوحدة السادسة تتكون من جزأين، الأول تم إنشاؤه عام 2017 بقدرة 1200 ميجاوات، وسينتهى عُمرها عام 2077، والسابعة بقدرة 1200 ميجاوات، وسيتم الانتهاء من إنشائها عام 2019 وستخرج من الخدمة عام 2079.

وأشار جوزيف إلى أن محطة الطاقة النووية فى الضبعة بمصر مكوَّنة من 4 مفاعلات، مثل المحطة الموجودة فى نوفو فارونج، وتم تزويدها بكل عوامل الأمان النووية، ومراعاة كل مسببات أزمات مفاعل فوكوشيما فى اليابان، والتى نتج عنها تسرُّب إشعاعى ونووى، كما أن المفاعل سيكون بنظام الماء الخفيف المضغوط، وهو الأحدث فى العالم من الجيل الثالث +3.

وكشف أن الوحدة السادسة بالمحطة فى روسيا تم تزويدها لأول مرة بنظام الأمان السلبى، بالإضافة إلى "الإيجابي"، موضحًا أن "الأول" يقوم من تلقاء نفسه بالتعامل مع الأزمات دون تدخُّل العنصر البشرى، حيث يقوم بفصل المفاعل تلقائيًّا لمنع حدوث أى انفجار أو تسرُّب نووى، مؤكدًا أن روسيا هى الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى قامت بتشغيل الجيل الثالث +3.

وقال إن أبرز المزايا الخاصة بالمفاعل النووى الجديد، قدرته المرتفعة التى تصل إلى 1200 ميجاوات، ليصبح الأكبر والأحدث عالميًّا، بالإضافة إلى العمر الافتراضى له، الذى يعد الأطول، يصل إلى 60 عامًا، كما أنه سيتم تقليص عدد العاملين به بنحو %30.

وأكد جوزيف أن كل أنظمة الأمان النووى تعمل أوتوماتيكيًّا دون تدخُّل العامل البشرى، لافتًا إلى أن المحطة النووية توفر نحو %90 من طلب الطاقة للمنطقة بفارونج الروسية، كما أنها تقوم بتوزيع الطاقة على المناطق المجاورة وتوفر فرص عمل لأبناء المنطقة.

وذكر أن عدد العاملين بالمشروع يصل لنحو 4050 عاملًا ومهندسًا، كما أن المشروع يعد أكبر مسدّدى الضرائب بالمنطقة، ويتم تدريب الكوادر الأجنبيه بالمركز، منها كوادر تركية ومن فيتنام.
وردًّا على سؤال لـ"المال" حول وجود متدربين مصريين، أشار جوزيف إلى أنه حال التعاقد على المشروع النووى المصرى سيتم البدء فى تدريب كوادر مصرية، مؤكدًا أن المحطة يمكنها تحلية مياه البحر نظرًا لنقص المياه التى يعانى منها أغلب دول الشرق الأوسط، فضلًا عن أنه يمكن تهجين المحطات لتعمل بالطاقة الشمسية والنووية معًا فى وقت لاحق، طبقًا للدراسات التى يتم إجراؤها حاليًّا.

وقال أوليج بورودين، مدير مديرية نوفوفارونج، إن شركة AES مسئولة عن حلول للمشروعات النووية وتصميم وإدارة المشروعات، كما أن لديها ممثلين فى نحو 30 دولة حول العالم، وقامت بتصميم وإنشاء نحو 30 وحدة طاقة نووية فى العالم، وتمتلك تعاقدات بنحو 96 مليار دولار.

وأشار إلى أن الشركة تقوم بتنظيم النفقات وتكاليف المشروعات والمشاركة فى الإنشاء، كما أنها تقوم بأبحاث نووية وإنشاء أماكن للنفايات والتعامل مع الوقود المستنفد، كاشفًا أن الشركة هى الأولى التى حصلت على الشهادة الدولية "IPMA" فى التصميم والتعامل مع المشروعات النووية.

وقال إن الوحدة تم تجهيزها لمواجهة الزلازل حتى 8 ريختر، ويمكن تطويرها حتى 12 درجة، لافتًا إلى أن إطلاق التيار بالمحطة يستغرق نحو 30 يومًا، ويعمل بكفاءة أعلى من المحطات التقليدية.

وقالت إينا كودرياشوفا، مساعد مدير مركز التدريب التابع للمحطة النووية بنوفو فارونج، إن أولويات المشروع هى السلامة والأمان والحفاظ على البيئة، كما أنه طوال عمر المشروع لم يتم تسجيل أى أضرار نووية أو تسريب بالمناطق المجاورة للمشروع.

وأشارت إلى أنه تتم مراقبة الأراضى المجاورة للمشروع حتى 20 كيلومترًا، كما تتم مراقبة المياه والهواء والانبعاثات الصناعية، والتربة والأراضى تحت سطح وقاع الأنهار، ولم تتم ملاحظة أى أضرار نهائيًّا، موضحة أنه يوجد نظام للمراقبة منذ عام 1910، ولا يمكن التدخل نهائيًّا فى أجهزة المراقبة والقياس عن طريق العنصر البشرى.

وأكدت أنه لم يتم الاحتجاج نهائيًّا حول إقامة المشروع بالمنطقة من جانب السكان المجاورين لها، موضحة أنه بعد حادثة تشيرنوبل تم اعتماد معايير جديدة فى الأمان النووى.

وقال رومان نيف جريد، رئيس مناوبة فى غرفة التحكم بالمفاعل النووى، إن كل العاملين بمركز التحكم حاصلون على رخصة للعمل بالمشروع النووى، كما أنهم يتعرضون للاختبارات وفحوصات طبية بكل المشروعات.

وأضاف جريد أن المفاعل النووى به قناتان للتحكم والسلامة بأنظمة الأمان عن طريق أجهزة حديثة، كما أن أنظمة الأمان تعمل بطريقة آلية فى حالة الطوارئ، ويمكن التحكم بالأنظمة الأمنية عبر الكمبيوتر حال تعطُّلها، وتوجد غرفة تحكم احتياطية حال تعطّل الغرفة الأساسية، مؤكدًا أن المشروع النووى لم يواجه أى أعطال عقب تشغيله منذ عام 2016.

وردًّا على سؤال لـ"المال" حول إمكانية تدخُّل العامل البشرى لتخريب المفاعل أو إحداث مشكلات فيه، أكد جريد أنه حال محاولة العامل البشرى تخريب المفاعل فإنه سيتوقف تلقائيًّا ولن يستطيع العامل البشرى تشغيله مجددًا، كاشفًا أنه لا توجد أجهزة تحكم فى العالم مثل الموجود بمفاعل نوفو فارونج، وفى حال توقف المفاعل لا يمكن تشغيله قبل 30 دقيقة.

وأوضح أن العمر الافتراضى لأجهزة التحكم تصل إلى 60 عامًا، ويتم تحديثها كلما لزِم الأمر، كما أنه تتم مراقبة قاعدة التوربينات عن طريق الكاميرات وغرف التحكم، لافتًا إلى أن كل أنظمة التحكم والسلامة هى تصنيع روسى %100 بمعهد علمى روسى تابع لشركة روساتوم.

وقال أنطون كلياف، رئيس التوربينات بالمفاعل النووى، إن التوربينات الخاصة بالمفاعل النووى تصل سرعتها إلى 3000 لفة فى الدقيقة، كما أن درجة الحرارة داخل قاعة التوربينات تصل لنحو 32 درجة، وتم تحديثها لتقوم بتوليد طاقة أكبر، ويتم تزويدها بنظام تدفئة ضمن هيكل التوربينة.

وردًّا على سؤال للمال حول تأثر التوربينات بعامل الحرارة والطقس، أضاف كلياف أن التوربينات لا تتأثر بدرجة الحرارة، ولا تؤثر على كفاءتها، ولا يوجد أى تأثير للعوامل الجوية على المشروع، لافتًا إلى أنه تتم صيانة التوربينة كل 18 عامًا وتستغرق نحو 70 يومًا للصيانة.
وأكد أن التوربينة تتمتع بميزة أخرى ضد الحرائق عبر زيادة أنظمة الزيت المضاد للحرائق، كما أنه يتم عمل صيانة للتوربينة دون فتحها وعدم تعطيلها.

وأشار إلى أن كل أعمال الصيانة تتم داخل المشروع، موضحًا أن التوربينة الواحدة تصل قدرتها إلى 1200 ميجاوات، وهى التى سيتم تركيبها فى المشروع النووى المصرى، لافتًا إلى أن أقلَّ توربينة بمشروع نووى تصل قدرتها إلى 50 ميجاوات، وتتم مراقبتها على مدار 24 ساعة، وعندما تقلّ سرعة دورانها عن 3000 لفة فى الدقيقة فإنه يكون هناك مشكلة فى المشروع وتتم معالجته.

مشروع الضبعة.. حلم طال انتظاره 60 عاماً

شهد المشروع النووى المصرى بالضبعة العديد من التأجيلات على مدار أكثر من 60 عاماً، منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحتى العام الجارى.

والمشروع النووى الذى تعتزم مصر تنفيذه فى منطقة الضبعة بمحافظة مطروح، شهد جدلًا كبيرًا بسبب الموقع، الذى قيل أنه يمكن استغلاله سياحيًا لوقوعه على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة الضبعة تبدأ من قرية غزالة شرقًا، حتى قرية فوكة غربا، ومساحتها الإجمالية تبلغ 60 كلم على الساحل.

وبدأت مصر التفكير فى استخدام الطاقة النووية عام 1954، وأنشأت مصر هيئة الطاقة الذرية عام 1957، وبناء المفاعل النووى الأول بأنشاص عام 1961، وانتهت مؤسسة الطاقة الذرية من إعداد المواصفات الخاصة بمحطة نووية تستخدم فى توليد الكهرباء، قدرتها 150 ميجا وات.

وصدر خطاب نية لإحدى الشركات الأمريكية لتتولى تنفيذ المحطة النووية عام 1966، إلا أن العدوان الإسرائيلى عام 1967 تسبب فى إلغاء المشروع.

وبعد حرب 1973 طرحت مناقصة لإنشاء محطة نووية جديدة للكهرباء قدرتها 600 ميجا وات، وصدر خطاب نوايا لشركة أمريكية عام 1973.

وفى عام 1983 عرضت مصر مناقصة لإنشاء محطة نووية بقدرة (900 ميجا وات)، وبعدها بـ 3 أعوام وقعت حادثة مفاعل تشيرنوبل، قبل بضعة أيام من "ترسية" العطاء على أحد المتناقصين ليتوقف المشروع.

فى أغسطس 2010، أكد الرئيس الأسبق حسنى مبارك أن الضبعة تخصص لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء، لكن مع قيام ثورة 25 يناير عام 2011 توقف المشروع مجدداً.

مع تولى الرئيس الأسبق محمد مرسى، منتصف 2012، فُتح ملف مشروع محطة الضبعة النووية مجددًا، واستمر حتى منتصف 2013 ووقعت مواجهات بين الشرطة والأهالى على الخروج من الأرض.

وفى 19 نوفمبر 2015، وقعت مصر اتفاقية مع شركة «روس أتوم»، الروسية العاملة فى مجال بناء المحطات النووية، بمقتضاها بناء المحطة بقدرة 4800 ميجا وات، ويضم 4 مفاعلات نووية.


أبرز مواصفات محطات الجيل الثالث +3

انتهت شركة روساتوم الروسية من تشغيل أحدث وحدة داخل المحطة النووية الروسية من الجيل الثالث +3، والذى سيتم إنشاء محطة مماثلة لها فى منطقة الضبعة بمصر.

وترصد "المال" أبرز مواصفات المفاعل، والذى يحتوى على تصميم بسيط وموثوق به، ومقاومة لخطأ المشغّل "العنصر البشرى"، ويصل عُمره لـ60 عامًا، كما يمكن تحديثه؛ لإطالة العُمر الزمنى له.

وتصميم المفاعل بدرجة كبيرة من الأمان ومقاومة الأزمات المحيطة كالحوادث الضخمة كسقوط الطائرة حيث لا يتأثر بسقوطها، كما يمتلك المفاعل قدرة على عدم التأثير على البيئة المحيطة به، كما يقوم بحرق كمية كبيرة من الوقود، وإخراج كمية قليلة من النفايات المُشعّة.

تتكون المحطة النووية من 4 وحدات "مفاعلات" بقدرة 1200 ميجاوات للمفاعل، وستكون السَّعة الإجمالية للمفاعل 4800، وهو ينتمى إلى نوعية المفاعلات "VVER 1200"، كما أن مواصفات المفاعل المصرى تتفق تمامًا مع مفاعلات روسيا المتطورة مشروع المفاعل النووى 91 و92، حيث يتم استخدام الجيل الثالث فى المفاعلات النووية الجديدة.

وتم تصميم المفاعل بأنظمة أمان وسلامة تضمن عدم التسرب الإشعاعى عن طريق الحواجز المتعددة، كما يوجد بها نظم السلامة السلبية والإيجابية، وامتلاك هيكل بسيط وسهل للإدارة وإزالة أخطاء الموظفين، وزيادة كفاءة استخدام الوقود وإخراج أقل كمية من النفايات، كما تحتوى هذه المفاعلات على نظام التحكم الآلى الحديث.
Source: ALMAL News